الأحد، 7 سبتمبر 2008

رسالة إلى أساتذة الجامعات

عندما يقوم مشروع ضخم فيكتمل بناؤه ليظهر في أبهى حلله تبدأ العيوب تنهش في أطراف ذلك المشروع ، فقسم من الناس يقف أمام هذا الانحدار ولسان حاله يقول أن دوام الحال من المحال ويتبع قول الشاعر : لكل شيء إذا ما تم نقصان *** فلا يغر بطيب العيش إنسان ؛ ويظل مكفوف الأيدي يتغنى بماضيه الجميل . ولكن ثمة قسم آخر يرى في أن تجارب الحياة قد أعطت حلولا أخرى للحفاظ على القمة بعد وصولها فتفحص الأشياء وصيانتها قبل تلفها كليا يساعد كثيرا على زيادة المدة في التربع على عرش القمة.
وإذا كانت حضارات الأمم تعتمد في مقوماتها على الفكر والتعليم فجدير بكل أستاذ ودكتور و مثقف أن يباشر النقد البناء قبل عطب الجهاز كليا ، ومادام أن لا أحد معصوم من الخطأ فالأجدر بنا أن نبتعد عن تصفيق الجماهير لعصمتنا الالهيه إلى مراجعة الذات بطريقة عملية تضمن لنا السير في الاتجاه الصحيح .
هناك تأثير عظيم وواضح لرواد العلم وأساتذة الجامعات على أبناءهم الطلاب وعلى مجتمعهم ككل ، فهم كنوز للعلم أتو به من أقطار الأرض لينثروا ثمرة ذلك لأبنائهم الذين يستلمون الراية من بعدهم ، وإذا كان من المفترض أن يكون ذلك فلماذا تسخط العظمة وتبدي عن أنيابها وتظهر روح السلطوية الطاغية على بعض أساتذة الجامعات ليعامل الطلاب على أنهم جناة حتى يثبتوا العكس !.. نعم هم عليَة القوم، ولكن هذا تصرف ملحوظ من بعضهم ويجب أن يقوَم، ومادمنا على قيد الحياة فإن هناك الكثير لنتعلمه ونقوَمه، ولابد لهؤلاء الأفاضل أن يعلموا أنهم أساتذة وبدون طلابهم يسقط هذا التشريف من رصيدهم. وعلينا أيضا أن نوجد من خلال الكفاءات المتوافرة أسلوبا أرقى في التعامل بين المعلم والطالب بدلا من الجفاف الأخلاقي الذي نعاني منه ، ونتحلى بروح الجماعة فالكل فريق عمل والكل له غاية تجمعه ، فلنحققها بأسلوب حضاري جماعي ننجز فيه ذات الغايات التي كنا نسعى لها ولربما كانت بنتائج أفضل وروح أسمى وأطيب .
رسالة أخيرة إلى الذين تعج أصواتهم بقاعات الجامعات بعباراتهم المعروفة والمعتادة ( لما كنا في بريطانيا أو أمريكا ) ، ( في الدول المتقدمة كذا وكذا ..... ) ، أنا أؤمن بالتفاوت العلمي الذي تقصدون ولكن أنتم من عولت عليه الدولة كثيرا للتغيير في المجال العلمي خصوصا أو في المجالات الأخرى عموما ، وأنتم من رأى المعروف بعينه . فهل يصح أن تظلوا في بروجكم العاجية وتتذكرون الماضي دون أن نرى لكم تأثير شعبي أو محاضرات عامة أو تطوع ميداني أو كتبا ومؤلفات في مكتباتنا العامة ؟!!..
إنه من المؤسف أن نرى ذلك النموذج بين قدوات المجتمع ، وكم حاولت أن أتجاهل هذه الأقلية إلا أن المصلحة تصب في عكس ما اشتهيت ، وهذا لا يعكس سوء التعليم بالضرورة بل يؤكد ضرورة التطوير والتطوير الدائم والنقد البناء لأن ذلك هو جوهر الاستمرارية في الاتجاه الصحيح وهو دليل على مستقبل واعد تقل فيه الأخطاء الفردية وتكثر النماذج والقدوات المتحضرة .

ليست هناك تعليقات: