السبت، 6 سبتمبر 2008

دنيــا العلــوم

لقد كانت العلوم بمفهومها الواسع مؤشرا واضحا ودافعا قويا على نهضة الأمم وتقدم الشعوب بل وسببا في تغيير سياساتها واقتصاداتها وملامحها الاجتماعية . وضعفها أو حتى نقصها يؤدي إلى ضمور – بقدر متفاوت – في شخصيتها العامة ومدى تأثيرها . وإذا ما استدرنا نحو العصور الماضية فسوف نجد أن الفترة الذهبية في كل عصر تكون متلازمة بالضرورة مع تقدم العلوم فيها.
إن التطور هو نتيجة حتمية للعلم والثقافة وهو مرتبط بمدى الاسقرار الأسري والمادي والاقتصادي والسياسي والعسكري . وإذا قلبنا صفحات التاريخ لاستعراض هذه الحقيقة سنجد في أواخر القرن الخامس ق.م استطاع الإغريق هزيمة الفرس حيث ظهرت إبداعاتهم في شتى المجالات مثل العمارة والاداب والفنون والمسرح والرياضيات والطب وغير ذلك وصارت أثينا حاضرة العالم الثقافية . وفي القرن السابع الميلادي نبض الإسلام في مكة وأخذ يزحف ويمتد ويتسع حتى بلغ أوجه في القرن التاسع حيث انتقل الحكم إلى الدولة العباسية التي حكمت من عاصمتها الجديدة بغداد، فوصلت الحضارة الاسلامية في عصرهم أوج عظمتها ، فأصبحت مدينة ضخمة تضارع بل تتفوق على القسطنطينية في في شتى مناحي الحياة ، وازهرت وقتها الفنون والعمارة والعلوم الاسلامية، وفتحت المعاهد والجامعات الاسلامية وامتزجت الحضارة الاسلامية بغيرها كالفارسية والهندية والبيزنطية ، فتأثرت بها وأثرت فيها . وتم فتح الاندلس وإقامة دولة اسلامية فيها. وقد كان للمسلمين اسهاماتهم الضحمة في مجالات العلوم كالطب والرياضيات والفلك والآداب ، كما نشطة حركة الترجمة حيث ترجم المسلمون التراث الاغريقي الى العربية وحفظوه بذلك من الضياع الى ان ترجم فيما بعد الى اللغات اللاتينية. ثم حدثت الثورة العلمية في اوروبا ثم تبعتها الثورة الصناعية ثم التطور التقني (التكنولوجي ) الهائل الذي شهدته اوروبا وأخيرا استطاعت اوروبا ان تنقل نظمها الادارية والقانونية والسياسية والحربية والاقتصادية إلى مستعمراتها وتمكنت من السيادة والهيمنة.
واليوم أصبحنا في عصر يعج بالمعلومات وتتداخل فيه العلوم وترتبط الاسباب وتظهر خلاصات وثمرات عهد طويل من كفاح الإنسان وأصبح العالم –بفضل الاتصالات والفضاء وسهولة نقل المعلومات – متشارك في الحصول عليها ولكن تحضره وتفوقة مازال مرهونا بالإضافة والإبداع والمزاحمة في طرح الجديد واثبات الوجود في دنيا العلوم .
ومن هنا دعونا نتشارك سوية في النظر إلى أنفسنا وإلى العالم من حولنا ونقيم وضعنا الحالي فنعزز إيجابياتنا ونلمس مواضع الخلل و القصور فينا ومن ثم نبدأ - ولو مبدئيا - في الاصلاح على المستوى الشخصي والاسري -والمعرفي ان امكن – كل في مجال تخصصه يحاول أن يتعمق ويواكب الجديد حوله ويحلل النتائج وينتقد البحوث او التصرفات ويحاول إصلاحها أو يطرح نموذج جديد من نتائج سابقة ويحاول أن يثبت ذلك وينشره ، وفي الجهة المقابلة علينا أن نتفائل ببناء الجامعات ودعم البحث العلمي فيها والتوجه الحالي نحو العلم والتعليم ولا نخفي طمعنا في المزيد من الدعم للبحوث العلمية والاختراع في جامعاتنا الموجودة الان من الجهات الحكومية –خصوصا في الفترة الحالية – ومن الجهات الخاصة مثل الشركات والمؤسسات المستقلة وحتى من الجهات الخيرية ، وأن تزرع مثل هذه الثقافة مذ الصغر في نفوس الطلاب في كتب المطالعة أو الدين أو التعبير مثلا وحتى نصل إلى المرحلة الجامعية فتتولد لدينا بيئة صحية تستوعب العلم وتدرك مدى اهميته وتشارك فيه. وبالتالي نستطيع أن نعزز موقعنا على خارطة العالم ونثبت من خلاله قدرتنا على التغيير والتجديد وأن نكون طرفا مهما في موازنة القوى بين أطراف اللعبة.

ليست هناك تعليقات: