السبت، 6 سبتمبر 2008

التغيير

التزم السيناتور باراك اوباما لدعم حملته الانتخابية شعار ( التغيير ) وقد اقنع بالفعل جمهور الديمقراطيين بهذا. ما أدهشدني هو الانجذاب الجارف نحو تلك الكلمة والرغبة الصادقة في التغيير الحقيقي نسمع ونشاهد هذه الحملات وهي تنتقد الواقع وتطرح الحلول العملية للتصحيح هذه العقلية التي تبحث ليس فقط عن الجديد ولكنها تبحث عن الأجد والأفضل ولا تكتفي بأنها وصلت بل تقول وتعمل وتناضل لكي تبقى، بالفعل أنا أشاهد عمليا كثيرا من ما ينظرون له وما يرسمونه نظريا وأشاهد أيضا ما لا يمكنني رؤيته في أماكن أخرى من العالم.
لا أود أن أعكر صفو مزاجك بالنظر إلى ماحولك الان لكنه الواقع يا سيدي، وأنت جزء متفاعل بالضرورة مع هذا الواقع، و مناسبة هذه المقدمة تأتي هنا في هذا الواقع أيضا. كيف يمكن أن نعالج هذا الشلل الذي أصابنا منذ حوالي المئتي عام. متى نغير..! وإذا كانت أمريكا تبحث عن التغيير وهي الدولة العظمى فمتى سنبحث نحن عن التغيير. إن المرض الذي أصابنا قد أصاب أعضاء متفرقة من جسدنا وهو أدى بالفعل إلى ضعف في الأداء حتى في أعضائنا الحيوية. والحل يكمن في معالجة شاملة ولا أستطيع أن أكتب خطة شاملة لأعادة تأهيل الجسد ككل لكنني أستطيع أن أقول لنبدأ فورا بالأهم ثم المهم وأن تنأكد من صحة الأعضاء الحيوية التي تعتمد عليها حياتنا ورغم أهميتها كلها لكني سأهتم في هذا المقال بواحدة منهم وأتمنى من الأخرين أن يسهموا بالشكل الصحيح في علاج الأعضاء الأخرى دون أن يبالغوا في العلاج فضرر الزيادة ليس أقل سوءا من نقصانها.
العلم.. هذه الكلمة التي ترددت في القرآن أكثر من خمسين مرة لم تعطى الحجم الكافي من الراعية والاهتمام، هذا العلم مجهول في حياتنا اليومية وفي خطبنا الدينية وفي إذاعاتنا وبرامجنا التليفزيونية. لم أسمع ولم أقرأ عن بحث علمي واحد تبنته جماعة إسلامية ولكني سمعت بل سئمت من كثرت السماع أو القراءة عن مشاحنات وكتب وهجمات من الجماعات الإسلامية ضد بعضها البعض والمزعج في الأمر أنهم تركوا جسدهم المنهك وأخذوا يتجادلون في تصفيفت الشعر أذا تشافي الجسد دون أن يعملوا شيئا لمعالجته ومثال ذلك مشكلة البطالة فقد وصفت منظمة العمل العربية، في تقرير نشر في شهر مارس 2005، الوضع الحالي للبطالة في الدول العربية بـ"الأسوأ بين جميع مناطق العالم دون منازع"، وأنه "في طريقه لتجاوز الخطوط الحمراء". ويجب على الاقتصادات العربية ضخ نحو 70 مليار دولار، ورفع معدل نموها الاقتصادي من 3% إلى 7%، واستحداث ما لا يقل عن خمسة ملايين فرصة عمل سنويا، حتى تتمكن من التغلب على هذه المشكلة الخطيرة، ويتم استيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل، بالإضافة إلى جزء من العاطلين. فهل يملك ايا من الجماعات الإسلامية مصنعا واحدا لتشغيل الشباب ودفع البطالة أو أن هذا ليس من الدين وليس من الجسد؟!.. يؤسفني أن لا يكون للاسلام – الجماعات الاسلامية – سبق علمي واحد خلال مئتين عام وربما أكثر إنه خلل في تقدير الواقع وفهم المستقبل .يقول الدكتور عبدالكريم بكار : إن منطق ( ارسطو ) العقيم الذي يقوم على الصدق الشكلي، وعلى بحث القضايا في الذهن لا في الواقع – مازال – يسطر على كثير من طلاب العلم الشرعي من خلال دراستهم لكتب التراث المشوبة بهذا المنطق؛ مما يجعلهم بحاجة إلى شيء من الاهتمام بفهم الواقع وتقديره؛ فقد كان من أسباب انتكاستنا الحضارية الانفصال بين العلوم والواقع المعاش مما حرمها من النضوج والرشاد ، وحرمه من الإصلاح والتقويم !. ويقول أهل الفكر أن الظمأ إلى الماء يدل على وجود الماء فإحساسنا الدائم بالرغبة في التقدم يدل على أن هناك أفضل وأن الوضع الراهن له بديل أرقى وأجمل. رحم الله محمود البارودي فقد كتب عندما شاهد وتوصل للحقيقة التي لم تعيها الجماعات في هذه الأيام فقال: بقوة العلم تقوى شوكة الأمم *** فالحكم في الدهر منسوب إلى القلم *** كم ما بين ما تلفظ الأسياف من علق *** وبين ما تنفث الأقلام من حكم . إنه العلم كل الدلائل حولنا تشير إليه فالدين والحياة والتقدم والحضارة والفن تدفعنا دفعا للتعلم والبحث والنظر والتفكير والتغيير والاستنتاج والإبداع. هذا هو ديننا وأتمنى أن تصل رسالته الكاملة إلى كل أفراد المجتمع الإسلامي وأن يأخذوا بالحكمة الصينية: المعرفة التي لا تنميها يوما بعد يوم تتضاءل يوما بعد يوم .وللأسف ليس هناك تقدم واضح ولا تشخيص دقيق إلى الان ولهذا فإن التغيير مطلوب وممارسة الطبابة مشروعة كل في تخصصه لنبدأ رحلة الكفاح الثانية بعد استراحة طال أمدها تحت ظلال شجرة الحضارة القديمة ومن ثم تصل إلى العالم أجمع رسالتنا الخالدة التي خلقنا من أجلها والمتمثلة في العبادة بمفهومها الصحيح وعمارة الأرض.

ليست هناك تعليقات: